مفهوم الديمقراطية

الديمقراطية لفظة من الألفاظ الشائعة جدا في العصر الحالي، وكما قيل بأنها "من أكثر مفردات الفكر السياسي العالمي قدما بأصولها اليونانية"، ولكن ذلك لا يعني وضوحها وسهولة تعريفها، فالامتداد التاريخي والتحولات التي شهدتها أفرزت تعددا في الديمقراطيات حتى لا نقول تعدادا في تعريفاتها، كل ذلك صعب من إمكانية اختزالها في تعريف واحد جامع مانع، لتعدد دلالاتها، وعليه يبدو بديهيا طرح سؤال: ماذا يقصد بالديمقراطية عموما، وبأي معني نظر إليها أصحاب التيار السلفي، وبالتالي حكموا عليها؟
الديمقراطية في اللغة والاصطلاح:
لغة: الديمقراطية هي كلمة من أصل يوناني، وتتألف من مقطعين هما: Demos وتعني الشعب، وKratias وتعني الحكم، والكلمة مجتمعة تعني "سلطة الشعب أو حكمه"، وهو معنى قريب مماا عناه لالاند في موسوعته، حيث اعتبر كلمة Démocratie التي ترجع إلى الجذر اللاتينيي Demokrati تعني "حالة سياسية  تكون فيها السيادة للمواطنين كافة".
وتعود الكلمة تاريخيا إلى نهاية القرن السادس وبداية القرن الخامس قبل الميلاد. ومهما يكن من أمر فالمعنى الذي يشيره التحليل اللغوي نظري مثالي يقول فيه روسو "إذا أخذنا عبارة الديمقراطية بكل معناها الدقيق، نجد أن الديمقراطية الحقيقية لم توجد أبدا ولن توجد أبدا". وهذا المعنى هو الذي يقصده الجابري بقوله "أعتقد أن الذي استعملها أول مرة كان يقصد منها التعبير عن فكرة مثالية أكثر منها التعبير عن واقع حي".
وذهب علي خليفة الكواري إلى ما ذهب إله روسو حيث يقول "يجمع الدارسون للديمقراطية كافة على أنها لم تتحقق في الماضي وليست متحققة في وقتنا الحاضر، ومن غير المنتظر تحقيقها في المستقبل المنظور".[1]
والمقصود من كل ذلك أن الديمقراطية التي تعني حكم الشعب نفسه بنفسه لم تتحقق يوما، ولن تتحقق، لأنه لا يوجد في التاريخ أن حكم شعب نفسه بنفسه
اصطلاحا: إذا كان هنا اتفاق على أن الديمقراطية من حيث اللفظ مشتقة من أصل لاتيني، ومثالية في الطرح لا يمكن أن تتحقق في أي مجتمع بشري، فإنه يغيب الاتفاق على تعريف واحد من حيث الاصطلاح، الأمر الذي أدى إلى تعدد وتنوع تعريفاتها، حتى أن رايمون بودون يصنف المصطلح ضمن ما سماه "المصطلح الإيديولوجي". وهناك من يعتقد أن تعدد التعاريف مبرر، فالمصطلح بالنسبة لهم يتسم بالطابع التاريخي من جهة ومتأثر باللون الإيديولوجي الذي يصبغه من جهة ثانية، ومع ذلك يميزون بين ديمقراطيتين: ديمقراطية أثينا المباشرة، والديمقراطية التمثلية.[2]
ومن بين التعريفات التي قدمت للديمقراطية نختار التعريف الذي صدر عن دائرة المعارف البريطانية، هذا التعريف الذي يؤكد لنا تعدد الديمقراطيات. وقد جاء فيه أن الديمقراطية هي "شكل من أشكال الحكم يمارس فيه مجموعة المواطنين مباشرة حق اتخاذ القرار السياسي تطبيقا لحكم الأغلبية، وهو ما يطلق عليه اسم الديمقراطية المباشرة، وهناك الديمقراطية النيابية وهناك شكل آخر من أشكال الديمقراطية وهو ما يعرف باسم الديمقراطية القانونية، كما أن كلمة ديمقراطية قد تستخدم أحيانا لوصف أي نظام سياسي أو اجتماعي، دونما اعتبار لما إذا كانت ديمقراطية بالمعاني الثلاثة أم لا...وهي نظم تعرف بالديمقراطيات الاجتماعية أو الاقتصادية أو الشعبية".
كما تعني الديمقراطية في نطر دائرة المعارف للأمريكية: "الطرق المختلفة التي يشترك بواسطتها الشعب في الحكم، ومن هذه الطرق الديمقراطية المباشرة، وهناك الديمقراطية الليبرالية، وهي السائدة في الولايات المتحدة، وبريطانيا والتي تعتمد على الحكومة الدستورية والتمثيل الشعبي وحق الانتخاب العام، كما أن هناك الديمقراطيات غير السياسية وهي الديمقراطيات الاقتصادية والاجتماعية والشعبية"
ويمكن إجمالا اختصار مجمل التعريفات المقدمة للديمقراطية في: "الديمقراطية المباشرة، وغير المباشرة أو النيابية، إضافة إلى الديمقراطية الدستورية"[3]


[1]بن سماعين، الديمقراطية والمجتمع المدني في فكر برهان غاليون ـ رسالة ماستر، جامعة منتوري، قسنطينية، الجزائر، ص 36
[2] . نفس المصدر
[3] . أ. أحمد صابر حوحو، مبادئ ومقوماالديمقراطية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر، بسكرة، الجزائر، صص325


التعليقاتإخفاء