دور البحوث السوسيولوجية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية



بات من المعلوم أن التنمية هي السمة المميزة للمجتمع الإنساني في العصر الحالي، إذ من خلالها تتحقق تحولات عميقة تمس جميع مناحي الحياة، وبالتالي أصبحت تمثل إحدى المكتسبات المهمة للاقتصاد والمجتمع على حد السواء، وقد أصبحت تمثل المحرك الأساسي للمنافسة الاقتصادية من خلال زيادتها وتحويلها للأفكار الجديدة إلى مشاريع تنموية عملاقة تعود بالنفع على الأفراد والمجتمعات الإنسانية بصفة عامة...


مغالطات تتواصل...


بعد الضجة التي أحدثها حلول موريتانيا في المرتبة 137 من حيث جودة التعليم حز في نفسي التساؤل عن الأسباب التي جعلت القطاع في هذه الوضعية مع العلم أن الحكومة تبنت منذ ما يربو على سنتين سياسة إصلاح لهذا القطاع، الذي يبدو أنه كان يومئذ أحسن حالا منه الآن!!!
دفعني حب التطلع والبحث عن الأسباب الكامنة وراء هذا الوضع إلى إجراء ملاحظة على بعض المؤسسات التعليمية، دعمتها بمقابلات مع طواقم بعض مؤسسات التعليم الخاص، وكان من جملة ما اكتشفته أن العامل الأبرز المسؤول عن تدهور قطاع التعليم هو أن غالبية المؤسسات توكل مهمة تدريس بعض المواد إلى غير متخصصين بها، وهذا لعمري خطأ فادح حيث أن “فاقد الشيء لا يعطيه”، فـأنى لأستاذ التاريخ أن يوصل مادة الفلسفة إلى طلابه، وأنى لأستاذ التربية المدنية أن يوصل مادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية إلى طلابه، أو العكس؟ … وأنى وأنى؟؟
ـ وحين سألت المعنيين بهذه المؤسسات عن الأسباب التي جعلتهم يقدمون على هذا الإجراء، كان ردهم: (لدينا نقص في الأساتذة ونحاول سد ذلك النقص بهذا الأسلوب).
ـ ألا تلاحظون أن مثل هذا الإجراء يفقد التعليم مصداقيته ويشوه المعومات الموصلة إلى الطلاب؟
ـ نتيجة للنقص الحاصل في أساتذة بعض المواد، وتغافل الوزارة الوصية لم نجد بدا من اعتماد مثل هكذا اجراء، ثم إنه خير للطلاب أن يكتسبوا ثقافة عامة عن المادة بدل أن يفوتوا سنة كاملة دون دراستها.
وهذه لعمري خطأ أكثر فداحة من الأول والسبب في ذلك هو إيقاف الحكومة للاكتتاب في صفوف أساتذة بعض التخصصات كالفلسفة، والحد من بعضها الآخر كباقي التخصصات الأدبية، وذلك تطبيقا لسياستها الرامية إلى تمييز المواد “العلمية” على حساب المواد “الأدبية”، مع العلم أنه لم يثبت في التاريخ أن دولة مهما بلغ شأنها قامت على العلوم الطبيعية دون العلوم الإنسانية، ولا العكس، ولكن من خلال التوفيق بينهما، الأمر الذي يستدعي من الجهات المعنية القيام به إن كانت تريد إصلاحا للتعليم، الذي بدأ في التقهقر منذ محاولتها اليائسة الاعتماد على العلوم الطبيعية، وتغييب العلوم الإنسانية، وهو أمر دأبت هذه الحكومة على تكريسه شفويا وعمليا منذ وصولها إلى سدة الحكم، وذلك حين قال زعيمهم الروحي: “إن أحد أسباب تخلف موريتانيا أنها بلد المليون شاعر، تطغى فيها التخصصات الأدبية على الفنية” لتتعالى صيحات مريديه بعبارة “لا مستقبل لخريخي كلية الآداب وتخصصات العلوم الشرعية في هذا البلد، وسوق العمل لا تحتاجهم”، كان آخرها تصريحين، أولهما للناطق باسم الحكومة، وثانيهما لوزير الشباب والرياضة. وهذا التصريح إن دل على شيء إنما يدل على انعدام برنامج تنموي جدي لدى الحكومة، خاصة التنمية الحقيقية حسب ما جاء في تعريف هيئة الأمم المتحدة للتنمية هي: “مجموعة الوسائل والطرق التي تستخدم بقصد توجيه الأهالي مع السلطات العامة من أجل تحسين مستوى الحياة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمعات القومية والمحلية، وإخراج هذه المجتمعات من عزلتها لتشارك إيجابيا في الحياة القومية ولتساهم في تقدم البلاد”، وهو ما يعني بعبارة أخرى: حصر الجهود والإمكانات ثم اتخاذ الوسائل والسبل الكفيلة بتحقيق أهداف التنمية المتمثل في (تحسين مستوى الحياة من مختلف النواحي، إخراج المجتمعات من عزلتها، دمجها في الحياة النشطة لتساهم في تقدم البلد).
وعودة إلى تصريح الوزيرين: إذا ما أردنا أن نصحح العبارة ونعيدها لسياقها الصحيح نقول: “لا مكان لكم معشر الشباب في هذه البلد”، وذلك لسببين: أولهما أن نسبة الخريجين المقصية على لسان الحكومة قد تصل إلى 80% من مجمل الخريجين سنويا، وثانيهما أننا إذا نظرنا إلى خريجي كليتي الطب والعلوم والتقنيات، فلا نجدهم أحسن حالا من خريجي العلوم الإنسانية، فلا فرص للعمل تلوح في الأفق، إذا ما استثنينا المعيار الأحد في التوظيف في البلد ألا وهو: “الزبونية والمحسوبية”، أضف إلى ذلك أنه لا وجود حتى الآن لنتائج تمييز العلوم الطبيعة على حساب العلوم الإنسانية، فأين هي الاختراعات في مجال الطب أو الهندسة أو التكنولوجيا… الأمر الذي يثبت بجلاء أن ما يدرس في أروقة كليتي الطب والعلوم والتكنولوجيا إنما هو ثقافة العلم وليس هو العلم نفسه.
2017/10/22

كلمة ترحيبية

تشرفنا زيارتك، لذلك نود منك معاودتها دائما للإطلاع على جديد الموقع

Welcome speech

We are honored to your visit, so we would like you always return to see the new site